إن المنصوص عليه شرعا أن الطلاق كما يقع بنطق الحالف بلفظه الدال عليه لغة وشرعا يقع أيضا بكتابته هذا اللفظ فى كتاب معنون باسم المحلوف عليها وبخط واضح مقروء . وقد اصطلح الفقهاء على تسمية هذه الكتابة بالكتابة المرسومة المستبينة وهى تقوم عندهم مقام الطلاق الصريح المنجز فيقع الطلاق بها بمجرد الكتابة نوى الكاتب الطلاق بما كتبه أو لم ينوه قرأته المحلوف عليها أو لم تقرأه - وإن كانت الكتابة غير معنونة باسمها وهى واضحة مستبينة وهى المسماة فى اصطلاحهم بالكتابة المستبينة غير المرسومة فإنه لا يقع الطلاق بها إلا اذا نوى بها الطلاق جاء فى حاشية ابن عابدين نقلا عن الهندية أن الكتابة ( على نوعين مرسومة وغير المرسومة على وجهين مستبينة وغير مستبينة والمستبينة ما يكتب على الصحيفة والحائط والأرض على وجه يمكن فهمه وقراءته ففى غير المستبينة لا يقع الطلاق وإن نوى وإن كانت مستبينة لكنها غير مرسومة أن نوى الطلاق يقع والا لا . وأن كانت مرسومة يقع الطلاق نوى أو لم ينو . ثم المرسومة لا تخلو أما ان أرسل الطلاق بأن كتب . أما بعد فانت طالق فاذا كتب هذا يقع الطلاق، وتلزمها العدة من وقت الكتابة به وان علق طلاقها بمجىء الكتاب بان كتب اذا جاءك كتابى هذا فأنت طالق فجاءها هذا الكتاب فقرأته أو لم تقرأه يقع الطلاق كذا فى الخلاصة ) والظاهر من قول السائل أنه كتب لها ورقة ذكر فيها أنه طلقها وأن الورقة التى كتبها وسلمها اليها معنونة باسمها . وحينئذ تكون من قبيل القسم الأول وهو الكتابة المرسومة المستبينة فيقع بها الطلاق بمجرد الكتابة نوى بكتابته الطلاق أولا وبكتابته الورقتين معا يقع الطلاقان الرجعيان الأول والثانى وبقوله لها بعد ذلك بأيام أنت طالق تبين منه بينونة كبرى لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها دخولا حقيقيا ثم يطلقها وتنقضى عدتها منه حيث تحل للأول وإن كان هذا الظاهر يخالف الواقع وان الورقة لم تكن معنونة باسمها وانها تضمنت فقط قوله لها أنت طالق مكتوبا بها فهى فى هذه الحالة من النوع الثانى وهو المستبين غير المرسوم وبها يقع الطلاق ان نوى وان لم ينو لم يقع شىء بالورقتين المذكورتين ويكون الواقع عليها هو قوله لها . ثالثا أنت طالق حيث يكون هو الطلاق الأول الرجعى فان كانت لا تزال فى العدة بعده كان لهذا الزوج أن يراجعها قولا أو فعلا كل ذلك فى الاحتمال الأخير فقط وهو عدم قصده الطلاق بما كتب فى الورقتين غير المعنونتين بأسمها والله أعلم .